تلفزيون

الخارطة الإنتاجية رمضان 2022.. السير في الإتجاه الصحيح رغم العقبات !!

أين نحن من الدراما العربية ؟

دخلت سوريا السباق الرمضاني هذا العام بـ 28 مسلسلا دراميا، سوريا المنكوبة في أهلها وعمرانها ومدنها ومنشآتها التحتية  استطاعت بما هو متاح لها في ظل أزمة سياسية واقتصادية قائمة  إنتاج ما بين عامي  2011 و2019 ، أي منذ اندلاع الأزمة  في سوريا  العام 2011 ما يقارب 234 عمل كله تقريبا من إنتاج سوري محض يعرض على شاشاتها المحلية ما عدا 31 عمل من إنتاج عربي ومشاركة سورية عرض على فضائيات عربية كبيرة

من جهتها ما تزال مصر تتصدر قائمة الدول العربية  الأكثر إنتاجا في رمضان بـ 36 عملا دراميا  متنوعا  مشفوعا بتطور لافت على مستوى الغرافيك ومعدات التصوير،  غير بعيد عن هذا الرقم تواصل الدراما الخليجية تموقعها اللافت على خارطة الدراما التلفزيونية  الرمضانية العربية  بما يزيد عن 18 عمل درامي تتصدره  الكويت  كعادتها ، دراما يظل فيها الاستثمار في الموروث الثقافي والتاريخي سمة بارزة .

في دول الجوار ، في تونس تحديدا، الوضع ليس أفضل حال من الجزائر ، عشرة ( 10) مسلسلات تدخل السباق الرمضاني فقط ، وهو ما يُشكل طفرة للإنتاج الفني التونسي السنوي حسب النقاد هناك، أعمال إنتاجية تثير الجدل إعلاميا على غرار مسلسل ” براءة ” و ” حب الملوك ( إنتاج مشترك جزائري – تونسي ) فيما يواصل  ” الفوندو 2″ تسجيل  نسب مشاهدة عالية جدا .

تراجع واستفهامات!

في الجزائر، وهي السباقة عربيا إلى المحافل الدولية السينمائية (  جائزة الأسد الذهبي بمهرجان البندقية بإيطاليا العام 1966 عن فيلم معركة الجزائر-  جائزة السعفة الذهبية في مهرجان “كان” العام 1975 عن  فيلم “وقائع سنين الجمر” – جائزة أحسن فيلم أجنبي بمسابقة الأوسكار السينمائية الأميركية سنة 1970 عن فيلم ( زاد Z) ، وهذا في وقت كانت دول عربية تتصدر اليوم المشهد الإنتاجي السينمائي و التلفزيون ، تَحْبُو سينمائيا بل تتعلم أبجديات التصوير التلفزيوني !  في الجزائر لم يتعَدَ إنتاج الأعمال الدرامية الرمضانية هذه السنة الـ 9 أعمال  في مشهد سمعي بصري تعددي انتقل فيه عدد القنوات التلفزيونية  من واحدة  تسمى ( اليتيمة ) إلى 40 قناة بعضها للأسف هي أقرب إلى الدكاكين منها إلى شيء إسمه تلفزيون!! اليتيمة التي ظلت تُوجه لها الانتقادات صارت تحرص على ان تقدم للمشاهد الجزائري أكثر من عمل درامي في رمضان مثلما هو الحال رمضان 2022 بمسلسلي “أنين الأرض”  و “عندما تجرحنا الأيام”

المصيبة أن من بين الـ 9 أعمال درامية، هناك أعمال هي في موسمها الثاني والثالث وأخرى أُنتجت في رمضان السابق بمعنى ليست أعمالا جديدة ! فما الذي يفسّر هذا التراجع في الانتاج السمعي البصري، الإنتاج الدرامي تحديدا ، أهو المناخ العام في الجزائر الموسوم بعدم الاستقرار الاقتصادي ( تردد رجال المال  في الدعم الأعمال لضبابية الأفق)  والأزمة المالية المترتبة عما بعد جائحة كورونا؟  أم تراه وضع مالي صعب تتخبط فيه القنوات التلفزيونية  يجعلها غير قادرة على تمويل اعمال ذات ميزانيات كبيرة وتكتفي ببرامج الطبخ والكاميرات الخفية التي صارت تُنتَج في غالبيتها داخليا، أم هي أزمة الدراما الجزائرية نفسها التي صارت تجد صعوبة في إثارة اهتمام المشاهد ( لا تتوفر إحصائيات نستقي منها النسب ! ) الذي صار مشدودا أكثر – في ظل منافسة شرسة-  للأعمال الدرامية الضخمة،  مصرية و سورية وخليجية ، المنتجة عربيا والتي  تبث على فضائيات عربية كبيرة ( الإختبار  3 –  يوتيرن – المشوار- الكبير آوي – الزقوم – كيد النساء – سنوات الجريش 2 –  جوقة عزيزة – الكندوش 2 – باب الحارة 12 ) .

المسلسلات الدينية والتاريخية  .. غياب أم تغييب؟

مقابل الشح اللافت في الأعمال الدرامية، طغت على المشهد الإنتاجي الرمضاني 2022 الكاميرات الخفية (14 عمل ) و التجارب الإجتماعية ( 13 عمل )، يمكن تفسير التوجه لهذا النوع من الأعمال لميزانيتها القليلة وسرعة إنتاجها خلافا للأعمال الدرامية ثقيلة الميزانية ، هذا فضلا عن السيتكومات الفكاهية (24 عمل ) و برامج الطبخ ( 45 ) التي صارت من حيث العدد الأهم في المشهد الإنتاجي الرمضاني ( قناتي سميرة و زهرة على وجه التحديد ) .

وما يزال الغائب الأكبر في ما ينتج و يعرض في الشهر الكريم في الجزائر،  المسلسلات الدينية والتاريخية ، و اقتصار ما له علاقة بالدين على برامج  تحتاج لتطوير  لها علاقة بالإفتاء و الإيمان والإحسان وخُلُق المسلم ( 22 برنامج ) من بينها 4 برامج لقناة القرآن الكريم . أزمة حقيقة وإخفاق واضح في الاشتغال على هذا النوع من الأعمال التي يتفق النقاد على أنها تتطلب كتاب سيناريو متخصصين وميزانيات ضخمة  يجب أن تنفق عليها الدولة لا المنتجون الخواص الذين يرون أن مثل هذا النوع من الأعمال غير مربحة و مُجهِدة وقد لا تجلب المعلنين ( السبونسور) لان مشاهديها قلّة فضلا عن تجنب الخوض فيها لتجنب ما قد ينتج عنها من جدل و نقاش!!  أقرب مثال على ذلك المسلسل التاريخي الديني ” فتح الأندلس ” !!

الاستثمار في التراث والطفل .. درجة الصفر !

غير بعيد عن الأعمال الدرامية التاريخية والدينية الغائبة من خارطة رمضان الإنتاجية، تكاد البرامج التي تدخل في إطار تطوير التراث الوطني والمحلي تحسب على أصابع اليد الواحدة، نفس الشيء بالنسبة للأفلام الوثائقية  ،و كلا النوعين يناسبان الشهر الكريم بالأخص إذا كان الاشتغال فيهما على الموروث الحضاري والشخصيات التاريخية والدينية و الفكرية والمعالم الدينية والثقافية .

لا نتوجه كثيرا للطفل في رمضان،  ثمة شحّ كبير في الإنتاجات الموجهة لهذه الفئة من المشاهدين ، الأطفال مشاهدون أذكياء و مُتَطَلبون  في رمضان برامج كثيرة من الممكن ان توجه إليهم ( عبادات و طاعات و تعويد على الصوم   وقصص من القرآن وسير الأنبياء و المرسلين و الصحابة  إلخ ) فمن بين عشرات القنوات التي يُحصِيها المشهد السمعي البصري قناتان فقط  توجهت للأطفال رمضان 2022 ، التلفزيون العمومي ببرنامج ” قصة و عبرة ” وأكثر من ثمانية برامج على القناة الجديدة الموجهة للأطفال “Kids 4 Algerian ” والتي عادت منها  ماما نجوى لتطل كما في الثمانينات على الأطفال بـ ” محاجيات ماما نجوى ” .

و مع ذلك نحن في الاتجاه الصحيح!

وإن تعددت الأجناس الإنتاجية في رمضان 2022 ما بين دراما  وكوميديا ( سيتكومات ) وكاميرات خفية وتجارب اجتماعية وبرامج الطبخ والرياضة والطفل و برامج للتسلية والترفيه والتنافس والقعدات والبرامج  الدينية و الساخرة على قلتها ( Rap News Wahhh) على قناة الباهية و (  Zoom5 ) على قناة البلاد ، فإن ما أنتج هذا العام ( 200 عمل ) يفوق بكثير ما أنتج العام الماضي في نفس هذه الأجناس ( 178 عمل ) ، وهو مؤشر إيجابي أننا نسير في الاتجاه الصحيح ، رغم الانتقادات الكثيرة التي تطال هذه الأعمال من قبل المشاهدين والمُعَبَرِ عنها عبر مواقع التواصل الإجتماع، و رغم العقبات والصعاب التي يتحدث عنها المنتجون في فضاء غير شفاف لا تُمتح الفرص فيه نفسها لكل المجتهدين !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

ADBLOCK يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك