حوارات

دبابته الحربية كانت حاضرة فوق الخشبة و اسمه مغيبا في الملحمة .. المبدع في فن التصغير محمد الأمين سعيدي يفتح قلبه لـ ” دي زاد بيبول”

اكتشف الجزائريون أعماله على خشبة مسرح أوبرا الجزائر بوعلام بسايح في الخامس جويلية و الفاتح نوفمبر خلال عرض الملحمة التاريخية الفنية ” ألا فاشهدوا” بمناسبة ستينية الاستقلال ثم اندلاع الثورة التي تزامنت مع انعقاد القمة العربية في الجزائر يومي 1و2 نوفمبر الجاري . كانت أعماله العربات والشاحنات والدبابات التي استعان بها مخرج الملحمة أحمد رزاق ليحكي بها حقبة الإستعمار ووحشيته.

مجلة ” دي زاد بيبول” اقتربت من المختص في فن التصغير،  إبن مدينة تلمسان ، سعيدي محمد الأمين ومعه كان هذا الحوار:

تغييب إسمي من جنيريك الملحمة أحزنني كثيرا

صعب على فنان ساهم  بقدر كبير في جمالية العرض الملحمي”  ألا فاشهدوا ” و لا يُذكر اسمه إعلاميا إلا قليلا، مقارنة مع إسم المخرج أو المنتج ؟ أمر مُحبِط لا ؟

أعتقد أنه لكل  واحد مقامه وأهميته،  فمصمم الديكور أو السينوغرافي ليس في مقام المخرج أو المنتج .و لا يمكنني الحديث عن تقصير الإعلام تجاه إسمي كمختص في  فن التصغير. ما قدمته فوق الخشبة كان محدودا لكنه مهم جدا بالنسبة لي و لهذا السبب لا يمكن الحديث عن إحباط اللهم في غياب إسمي من جنيريك الملحمة و أنا بصدد معرفة السبب!!

العربات الحربية والبنادق والرشاشات التي شاهدها متتبعي ملحمة ” ألا فاشهدوا ” كانت غاية في الدقة إلى درجة تخيل كثيرون أنّها حقيقية، أي المواد استعملت في إنجازها و كم استغرَقْتَ من وقت ؟ و هل تحصلت على دعم مالي لإنجازها ؟

 

 لم أصمم البنادق، كانت مصنوعة من قبل.  قمت بصناعة  ثلاث (3) دبابات وشاحنات (Half Truck) ناقلة للجنود مدرعة مصنوعة من الخشب. لقد استغرقت في إنجازها  45 يوما تقريبا وأخذ مني تجهيز الدبابات والشاحنات ما بين 20إلى 25 يوما .  ولأنها أول تجربة لي مع هذا النوع من الأعمال الإنتاجية فلم أهتم كثيرا بموضوع المال، لأن العرض المعنوي كان مغريا أكثر من بحثي عن المستحقات المالية.   هي بالطبع كان هناك ثمن مدفوع لكن الله اعلم ان كان المبلغ مناسب ومعقول لانه اول مرة نتعامل معهم نعمل على تجربة مثل هذه.فلم يكن عندي فكرة الثمن  المفروض ان يتقضاه الشخص .

 

الفنانة سميرة صحراوي أوصلتني إلى مخرج الملحمة

المتجول في صفحتك على الفايسبوك يقف أمام أعمال فنية مصغرة غاية في الإتقان والجمال ، هي واجهتك التسويقية الوحيدة حاليا لعرض أعمالك عساها تصل للناس. من ينتبه حاليا إلى أعمالك من المؤسسات ذات الصلة بالفن والثقافة؟ وكيف وصل إليك منتج الملحمة و مخرجها؟

مر صفحتي على الفايسبوك 10 سنوات ، لم أكن أستغلها صراحة لعرض أعمالي لكن في الآونة الأولى صرت أنشر كل عمل فني جديد أنجزه و أستمتع بالتعاليق التي أجدها و تفاعل الناس معها .  أنا لست معروفا عند الناس ، حتى بعض الأقارب لا يعرفون عن عملي شيئا  بدأ  الناس يعرفونني بعد بث روبورتاج حول أعمالي نشرته على صفحتي و من هناك بدأ التفاعل و بدأت وسائل الإعلام تتصل على رقمي وتبحث عني.  حتى مخرج الملحمة التاريخية ” ألا فاشهدوا”  أحمد عبد الرزاق عرفني عبر صفحتي على الفايسبوك، وهذا  عبر زوجته الفنانة سميرة صحراوي التي أعجبتها أعمالي المنشورة على صفحتي فأطلعت زوجها  فقرر الإتصال بي ليعطيني تلك الفرصة الجميلة و هو لا يعرفني ولم يجربني من قبل، لقد كبر كثيرا في عيني لأن مخرجا آخر لم يكن ليفعلها بالنظر إلى طبيعة العمل الذي كان سينجزه و الجمهور المستهدف و المناسبة أيضا، كانت (مغامرة) حقا لكن نتائجها كانت أكثر مما كنا نتوقع.

ماذا تُسمي بالضبط المجال الذي صرت واحدا من محترفيه اليوم في الجزائر؟ فن التصغير أو الفن المصغّر ؟ أو فن المنمنات ” هل تحاول أن تسير على خطى تاناكا الفنان الياباني الشهير في هذا النوع من الفن ؟ او الفنان السوري المبدع عبد الرحمن عيد ؟

  فن التصغير أو فن المجسمات المصغرة . عندما دخلت هذا المجال لم اكن متأثرا بأي فنان ولم يكن يهمني الامر. بدأت في شق طريقي وحدي،  لأنني منذ الصغر مسكون بشغف التصميمات المصغرة بالأخص السيارات.  تطور الأمر عندي بعدما اكتشفت و أنا أبحث  في الأنترنت أن هناك بعض السيارات العتيقة من الماركات العالمية ( المازراتي – استن مارتن- كادياك- البانتلي)  أي سيارات  البرجوازيين . اكتشفت أيضا أن العاملين في الميكانيك والتصميم في هذا المجال بالذات اكثرهم ايطاليين ولقد أبدعوا حقا، إنهم الوحيدين الذين أستلهم من أعمالهم و أستعملها في بناء مجسماتي .

 

محمد سعيدي فنان عصامي لم يتخرج من المدارس العليا للفنون الجميلة لكن أعماله تنافس ما ينجز خارج الجزائر في مجال الفن المصغّر ؟ و كأنك وُلِدتَ و في كفك هذه الموهبة!

 

لم أدرس  هذا المجال  ولم أتخرج من مدارس الفنون الجميلة  انما هي موهبة  ترعرعت معها  منذ كنت طفلا صغيرا يصنع السيارات بالكرتون ( الورق المقوى) . و بحكم انني أحب السيارات و عالم التصميم ، طورت مهاراتي بالبحث في هذا المجال ، ثم أنا كبرت وسط عائلة تحب السيارات و تقدرها، فجدي و أبي كانا يشتغلان في الميكانيكا، فتأثرت بهما كثيرا.   مؤسف أن في الجزائر لا وجود لمدارس ومعاهد تكوين في هذا النوع من التخصص، هو لا ينظر إليه على أنه فن بل مجال من مجالات الميكانيكا .

 

لا أعرف من ظلمني تلمسان أم الإعلام!

 

كإعلاميين لا نعرف كثيرا عن الأسماء التي تبدع في مجال الفن المصغّر أو ” فن المينياتور” ، كم أنتم في الجزائر ؟ هل تعرفون بعضكم البعض ؟ هل تتواصلون؟ أم بالعكس كل واحد في ورشته و عزلته؟

أعتقد أن فن  التصغير مجال جديد في الجزائر لا يدرّس في معهد الفنون الجميلة ولا في معاهد التكوين المهني . لم أجد إلى اليوم  إسم تخصص في هذا المجال و كرس حياته له . هناك  من يحاول  الاقتراب من هذا المجال لكن ينقصهم الحس الجمالي و الدقة. في المقابل نجد كثيرين برعوا في فن تصميم القوارب المصغرة بعضهم تواصل معي لمعرفة المواد التي أستعملها في التصاميم لا أكثر.

 

هل ألهمتك تلمسان و أنت إبن ندرومة،  وظلمتك العاصمة باعتبارها الفضاء الذي يلجأ إليه المبدعون عادة  للحصول على فرصة، هل ظلمك الإعلام أيضا ؟

تلمسان تجاهلتني حتى لا أقول ظلمتني ، ثم هناك نظرة الناس،  الذين يرون أن  ما أنجز مجرد ألعاب للصغار! لا مؤسسة أو هيئة أو نادي أو جمعية في تلمسان تواصلت معي أودعتني لأي فعالية أو كرمتني. فيما يخص العاصمة فإن أكثر زبائني من هناك، وأكبر عدد من المتابعين في صفحتي على الفايسبوك من هناك أيضا. تمكنت في بيع أعمالي في كل ولاية تقريبا إلا تلمسان !! إعلاميا لا أنكر أن بعض القنوات تتصل على رقمي لكن بمجرد علمها أني في تلمسان تحتج ببعد المسافة أو تعد بالزيارة و لا تأتي!!

صوناكوم تجاهلتني و فابيو لامبورغيني هنأني!!

أفرٍغ ما في قلبك و سنختم بهذا السؤال

أمرين لا بد أن أذكرهما و أنا أختم هذا الحوار الجميل معكم .

الأول يتعلق بالملحمة، لقد آلمني جدا غياب إسمي في لائحة الأسماء التي شاركت في الملحمة فنيا و تقنيا ، اكتشفت هذا الأمر ليلة عرض الملحمة، سألت لماذا حدث هذا لم أتلق جوابا شافيا!!  أنا حزين أن إسمي سيظل مغيبا عن جنريك الملحمة في حال لم يعاد الاعتبار لي .

الأمر الثاني يتعلق بالفرحة الكبيرة  والفخر الذي شعرت به عندما اتصل بي إبن مصمم سيارة ” لامبورغيني كونتاش ”  فابيو لامبورغيني  معربا عن فرحته بالتصميم الذي صنعته ( سيارة لامبورغيني حمراء صغيرة) نشرت صورتها على صفحتي، لقد وصل المنشور إلى إيطاليا، و تداوله البعض هناك!! لم أصدق ذلك والله . المفارقة أن في الجزائر صنعت عشرات الموديلات من شاحنات ” صوناكوم” و لم يحدث أن رفع أحدهم الهاتف وهنأني !!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

ADBLOCK يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك