تلفزيونحواراتسينما

هل كان طارق بن زياد طنجاويا ؟ مزاعم العمل الدرامي الرمضاني” فتح الأندلس “..

لا يحق لأمة أن تُطَالِبَ أمة أخرى بتصويب  أو تصحيح تاريخِ  يِخُصُهَا ، ترى أنه تعرض للتزييف أو التضليل، لا يحق لها ذلك مطلقا، بالأخص عندنا يتعلق الأمر بعمل فني  تُنفَقُ عليه الملايين من الدولارات ، وتُوضع  في متناوله آلة تسويقية ضخمة شرسة  تروج له وتحكي عنه في السماوات المفتوحة فوق رؤوسنا  في  زمن النت .

لصوص التاريخ !!

الأمم تحمي تاريخها بتوفير كل الشروط التي تحفظه وتَغْدِقُ ماليا على من يحميه من الضياع أو السرقة أو التضليل بالكتاب و السينما والمسرح، ولا تنتظر غيرُها  يفعل ذلك  نيابة عنها ! ففي التاريخ والحضارات هناك لصوص هم أخطر على الإنسانية وتراثها من  لصوص  الأحذية  ولصوص الفرحة  ولصوص المال،  فلصوص التاريخ  يسرقون تاريخ الآخرين ومجدهم وينسبونه إلى أنفسهم، يفعلون ذلك لأن لا شيء لديهم  كبير يفتخرون به، إنهم  قُطاّع طرق، طُرُق التاريخ  و هؤلاء لا شك ممن شَمِلَهُم  ” كتاب اللصوص” للجاحظ، لصوص النهار و سُراق الليل!!

أي سرقة وأي منجزات ؟؟

والجدل الذي يثيره المسلسل التاريخي الكويتي – السوري  “فتح الأندلس” للمخرج محمد العنزي  يدخل في إطار  تراشقات الأمم حول أحقيتها في بعض التفاصيل التاريخية التي نسبها كتّاب العمل الدرامي ، وهم ستة، من  مصر وسوريا والكويت إلى غير أوطانها ، الجدل كبير هذه الأيام في المغرب تحديدا ، لأن المسلسل يُعرَض في قناتين محليتين والنقاش حوله  وصل قبة البرلمان وفيه أصوات تعيب على المغرب صمتها تجاه ما يعتبرونه تشويها للحقيقة التاريخية للبطل طارق بن زياد وطمسا للهوية الأمازيغية المغربية. بل كل ما تروج له مواقع التواصل الاجتماعي يستنكر كون المسلسل “سرق إنجازات المغرب وحضاراتهم”.

هل كان طارق طنجاويا ؟؟

المفارقة ان المغرب وهو يستنكر سرقة الآخرين لإنجازاته وحضارته و تاريخه يمارس الفُحشَ نفسه  أي  التضليل والتزييف التاريخي تجاه الآخرين، فطارق بن زياد الذي  يعتبره المغربيون طنجاويا هو مهما يكن ليس مغربيا بالتقسيم الجغرافي المتعارف عليه حاليا،  فالدكتور هادي سعدي ، أستاذ  علم الاجتماع الديني يلفت أن طارق بن زياد “كان يعيش في عالم دون خطوط التي تسمى حدود ودون أوراق ثبوت، لا بطاقة ولا وثيقة ميلاد، و كان الناس لا يعرفون بعضهم إلا بالإنتساب فسواء كان من قبيلة نفزاوة في عشيرة بني ونمو التي كانت تسكن جبال الأوراس أو كان من قبيلة الصدف في جبال المغرب العالية، فإنه لم يكن مرتبط بأرض أو وطن فهذه بدعة عصر الاستعمار” و حسب الدكتور هادي سعدي فمسألة جنسية طارق بن زياد أو غيره من الفاتحين وهمية وهي في رؤوس من عاش في .الحدود ونقل فهمه الحالي للتاريخ الى عصور بريئة من تعصباتنا و تفاهة تحدياتنا”

إبن الأوراس الأشم !!

 في الجزائر، لا يثير مسلسل ” فتح الأندلس” نفس الزوبعة التي يثيرها في المغرب ، في الجزائر الكبيرة بتاريخيها ، الكبيرة بتنوعها الثقافي  واللغوي، الكبيرة بزخمها الأنثروبولوجي،  يتولى رواد السوسيل ميديا مهمة الرد على مزاعم مغربية طارق بن زياد. الأمر يتجلى حسب الدكتور بلال عمرون أستاذ التاريخ في التعتيم الواضح على شخصية طارق بن زياد في فترة ما قبل فتحه  لأندلس، حيث كان أول ظهور له في المسلسل بمدينة طنجة المغربية التي انطلق منها لشبه الجزيرة الايبيرية فاتحا، وهو ما يجعل المشاهد يضن أن هذا القائد من أهل طنجة !! ” بالنسبة للدكتور بلال عمرون و هو الذي عاد مؤخرا من إسبانيا حاملا في جعبته عملا أكاديميا مهما حول ” نظام الجواري والغلمان في الأندلس” جزء من هذا العمل خُصِص لفتح الأندلس،  فإنه ” إذا  رجعنا الى المصادر التاريخية على غرار “ابن عبد الحكم الرقيق القيرواني ” و ” إبن خلدون” و “إبن عذاري المراكشي” فكل هؤلاء اتفقوا على أن طارق ينحدر من “ورفجومة” .وهي بطن من بطون قبيلة نفزاوة البربرية، ومضاربها بجبال أوراس وبالضبط بالقرب من مدينة “باغاي” (خنشلة حاليا) “

رسائل مغرضة !!

.يتأسف الدكتور بلال عمرون وهو الباحث في التاريخ أن مسلسل ” فتح الأندلس “،  وخلافا  لأعمال تاريخية سبقته تناولت تاريخ  وحضارة الاندلس، على غرار  سلسلة “تاريخ الاندلس” للمرحوم “حاتم علي” يثلاثيتها الشهيرة  “صقر قريش” و “ربيع قرطبة” و “ملوك الطوائف” ، والتي حاولت ملامسة الحقيقة التاريخية في الطرح والمعالجة ، يتأسف أن رسائل مغرضة تضمنها  مسلسل فتح الأندلس” في أول حلقاته جانبت الحقيقة التاريخية، بل أكثر من ذلك عمدت الى تزوير التاريخ بخصوص “التقليل من جهد طارق بن زياد  كقائد فاتح، كان له شرف فتح شبه الجزيرة الايبيرية، وإسناد الأعمال العظيمة التي قام بها الى قادة اخرين غيره، وهو ما ينافي الحقيقة التاريخية التي تنص على أن طارق ابن زياد فتح معظم المدن الكبرى بشبه الجزيرة الإيبيرية الى ان وصل الى عاصمتها “طليطلة” وحينها التقى بموسى بن نصير وواصلا فتح الاندلس معا” .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

ADBLOCK يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك