تلفزيون

أَيُ لُغَة سَيَتكَلمْ الجيلْ القادِمْ؟

لعِبَ التِلفزيون الجزَائِري  دوْرْ كَبِيرْ فِي فترة ما بعدْ الإِسْتِقْلالْ فِي الدِفاعْ وترقِية اللهْجة الجزائِرية و حتي في التنشئة الإِجْتِماعِية لِلْفَرْد والجماعَاتْ و المحافظة علي الهوِية الثَقَافِية  وسلوكيات  الأَفْرادْ وكان سَبَبًا في تعلم أَبنائِنَا  بِالمَهْجَرْ اللهجة الجزائرية . غير أَن فِي السنواتْ الأَخِيرة غزت المنابر الإِعلامِية  والأَعمَالْ الدرامِية التِلفزْيوُنِية لَهْجة تُسَمى بِالهَجِينة وهِي عِبارة عن خلطْ بين اللهْجة الجَزَائِرِية واللُغة العَرَبِية واللُغة الفَرَنسية واللغة الإِنجليزية بِداية بِعناوينْ الحِصَصْ أَما المَضْمُونْ فحَدِثْ ولا حرج إِنْ لَمْ تخرج لِلشارعْ فإِن الشارِعْ سيأْتِي إِليك إِلا مارحم ربي، هذا كله علي مَرئ ومَسْمَعْ مُدراءْ القنوات ورؤساء التحرير وسُلطة ضبط السمعي البصري .وإِنْطِلاقًا مِنْ مبدأْ كُل لُغة تُسَوِقْ وتُرِوجْ لثقافَتِها وقِيمها وتارِيخِها وتنوعها وثرائِها هذَا ما يدفعنا للتساؤل :أَي لغة سيتكلم ويرِثْ الجِيلْ القادِمْ ؟ أين علماء اللغة واللسانيات وعلماء الاجتماع والمؤرخين و النُخْبة المُثَقفة مِنْ كل هذا اللغط؟ أَين سلطة ضبط السمعي البصري في دفاع وترقية اللغة ؟

   دور التلفزيون الجزائري في تنشئة الاجيال  وضمان التنوع

شكل ظهور التلفزيون وإِنتشارهِ في كُل اليبوتْ طفرة كبيرة في حياة البشرية حيث سهل الإِتصال والتواصل بين الأَفراد وبين الثقافات والأمم كمَا لَعِب دور هام في في تنمية المجتمعات وترقيتها من كافة الجوانب الإِجتماعِية الثقافية والتربوية فقد فاق تأْثيرهُ في نظر البعض الأُسرة والمدرسة . بِدورهِ التلفزيون الجزائري كان له الفضل في تنشئة الأَجيالْ لما كان يتميز به من التنوع في البرامج عملاً بِمقولةْ مِن كلْ بستنان زهرة ومُحْتَرِمْ بذلك خُصُوصِية التنوعْ الثقافِي لِبلدْ بحجم قارة فا لِلْبرامج التلفزيونية دور كبيرْ في التأْثِيرْ علي الهوية الثقافية وعلي اللُغة والقيم ،العادات، التقاليد، المعتقدات، الفنون والاخلاق.

اللهجة هي مُسْتَوْدَعْ الإِرْثْ الثَقَافِي والتَارِيخْ والهوِية

تُعْتَبَرْ اللَهْجة حَاضِنَة الذَاكِرة الثَقَافِية لِمنطقة أَوْ جَمَاعَة لَغوِية ما وهِي مِرْآة عاكِسة لتُرَاثِه وعَاداتِهِ وتقالِيدِهِ وتِبَعًا لِخُصُوصِية تداوُلِهَا شَفهِيًا فَهِي مُعَرضَة لِإِنْدِثَارْ دونَ تَدوِينْ فَالْأَدَبْ والفَنْ الشَعْبِي لا يَقِل أَهَمِية عَنْ الأَدَبْ الفَصِيحْ لِمَا يَتَسِمْ بِهِ مِنْ شُمُولِية تَعَاطِيه لِجَوانِبْ الحَياةْ كالجَانِبْ العَقَائِدي والإِجْتماعِي والسِياسِي والتَارِيخِي مُرْتَكِزًا عَلي خَصائِصهِ اللتي هِي مَصْدَرْ قُوَتِهِ كالتِلْقَائِية والبُعْد عَنْ التَكَلُفْ والتَصَنُعْ وبساطة اللُغة وسُهولة تَمْريرْ الرِسَالة لعَامة النَاسْ ، فلأَدَبْ الشَعْبِي دَوْرْ هَامْ فِي دِرَاسَة الحَياة الذِهْنِية والرُوحِية لِكُلِ مَنْطِقَة و لِمَا لهُ مِنْ دَوْرْ فَعَالْ فِي  الإِسْهَامْ في تَعْزِيزْ القُدُرَاتْ الذِهْنِية والفِكْرِية لِلْفَرْدْ وصَلَاحِهِ.

التجربة التونسية والفرنسية في التصدي للغة الهجينة   

تلزم  الهيئة العُلْيا المُسْتقِلة لِلإِتصَالْ السمعي البصري التونسية (الهايكا) القنوات التلفزية والاذاعية الالتزام بمقتضياتْ كُراسْ الشُروطْ وإِتفاقِية الإِجازة المُتعَلِقة بِحسن إِستعمال اللغة أَو اللغات وإِلي تَجَنُبْ إِسْتِعمال لُغة هجينة فِي المضَامِينْ الإِعلامية  وتقديم كُلْ البرَامِجْ بِلُغة واحِدة واضحِة ودقيقة عربية كانت أَوْ دَارِجة مُهذبة والحِرْصْ علي ترجمة المفردات الأَجنبية في كلام الضيوف إِلتزامًا بِالنصُوصْ والتراتِيبْ الجاري بها العمَل.

يذكر ان بتاريخ 22 سبتمبر 2021 وجهت الهيئة “لفت نظر” الي القناة الإِذاعية الخاصة “اكسبريس اف.ام ” وذلك في علاقة  بِالْخرقْ المُسجلْ في حلقة من برنامج

“pub and co”

و المتمثل في الاعتماد علي الخلط بين اللهجة التونسية واللغة العربية واللغة الفرنسية واللغة الانجليزية في تناول مختلف المواضيع المطروحة بالبرنامج . نفس “لفت النظر” كان قد وجه للقناة التلفزية الخاصة “التاسعة ” بتاريخ 27/11/2020

بِالنِسبَة لِتجربة الفرنسية تَسْهر سُلْطَة الْضَبْطْ وَ الْإِتِصَالْ الْسَمْعِي الْبَصِري وَ الْرَقْمِي  الفرنسية

(ARCOM)

علي الدفاع و ترقية اللغة الفرنسية  باعتبارها 5 لغة في العالم تمارس من قبل 300مليون متكلم حول العالم  فالهيئة تحرص حرص شديد علي ان تستعمل القنوات التلفزية والإِذاعية الفرنسية  اللغة الفرنسِية في المضامِينْ الاعلامية والرسائل الإِشهارية  وتمنع منعا باتا من استعمال كلمات بلغة أَجنيبة لهم مرادفات في اللغة الفرنسية فهناك مفردات وجدت لها في لغتِنا مَرْتَعًا خِصبا إِلا أَنهم قابلوهَا بتوليد وتسويق مفرداتهم علي سبيل المثال :

« Hashtag »                 « mot clic »                           – « free »                      « liberté pour »

أَهَمِية التَخْطِيطْ اللغوي

يُعَد التخطيط اللغوي فرع مِنْ فروع اللغويات الإِجتماعِية اللتي تُعْني بِدِراسَة علاقة اللغة بالمجتمع ومدى تأَثُرْ كل منهما بِالْآخر ويسعى التخطيط اللغوي لدراسة المشكلات اللتي تُواجه اللغة كَتَوْلِيد المُفْرَداتْ وتَحْدِيثِها وبِنَاء مُصْطَلحَاتْ جَديدة وهَذا ما ذهبَ إِليْهِ الفرنسِيينْ علي سبيل المِثَال فِي عَصْر لويسْ الرابِع عشَر حِينَ كانتْ فرنسَا  تَعُجُ بِعَديد اللهجات فحاربها جميعا وَأَبْقى علي اللُغة الفرنسِية وعلي مر العصور وتوالي الأَزْمِنة عَمِل الفرنسيين علي تطويرها كإصدار القواميس اللتي تحْمي اللُغة الفرنسية وتأْسِيسْ الأَكَادِيمِية الفَرَنْسِية اللتي تَعْمَل علي حِفْظْ ونَقَاءْ اللُغة  وليس هذا وفقط فقد عمدت كذلك الإِهْتِمامْ بالتَنْقِية اللَغَوِية

 « la purification linguistique »

إذْ سَهِرتْ علي تخْلِيص لُغَتِهَا مِنْ المُصْطَلَحَاتْ الدخيلة والعَمَل علي إِسْتبْدالِها بِتَوْليد مُصْطَلحَات فَرنْسِية جَدِيدة أَضِفْ إلى ذَلِك إِهْتِمَامهَا البَالِغ  بِالترجمة.

         نعمة تلاقح اللغات… مُواكَبَة التطورْ تتم بتطوير اللغة

حقيقة لا مفر منها ان  لغة لابد لها من التلاقح مع لغات اخرى لتوليد مفردات ومصطلحات جديدية  فاللغة عبارة عن كائن حي  تنمو وتترعرع اذا توفرت لها عوامل الاستمرار كالترحال والتجاور والتجارة والثقافة ،هذه الاخيرة  تعتبر مِرْآة للِتاريخ والتَنَوُعْ والثَرَاء الثَقَافِي  لِمَنْطِقة مَا وَهِي صُورَة عَنْ مُخْتَلَفْ المُؤثِرَاتْ والحَضَارَاتْ اللَتِي عَرَفَتْهَا  والتنوُعْ سُنَة الحَياةْ اللَتِي لاَمَفَرَ مِنْهَا يَقُولْ الله عَزَوَجَلْ ”وَمِنْ آياتِهِ خلْقْ السَمَاوات والْأرْض و اختلافْ ألسِنتكمْ والْوانِكمْ إن في ذلك لآياتٍ للعالمينْ”الروم (22) ، فالجزائر كَذَلِك  لاَبُدَ لها مِنْ أَنْ تَسْتَفِيدْ مِنْ تَجْرِبة غَيْرِهَا وتُرَوِج وتُسَوِقْ لغتها  ولا يَتِمُ ذَلِكَ إِلَا بِتَظَافُرْ المساعي بداية

بسلطة ضبط السمعي البصري

(L’ARAV )

وبِصِفتهَا الجِهة المُخَوَلْ لهَا التدخلْ وتعديلْ المشهد الإِعلامِي

فإِننا نُنَاشِدُهَا  بِتَطْبِيقْ ماجاءَ فِي مناشيرْ الجريدة الرَسْميِة فَبِحَسَبْ المادة 54 من قانون السمعي البصري السهر علي ترقية اللغتين الوطنيتين والثقافة الوطنية ودعمهما السعي علي أَنْ تَعْكِسْ أَصنافْ البرامِجْ التي يُقدمِها ناشرو خدمات الإِتصال السمعي البصري التنوع الثقافي الوطني والتعبير بلغتين الوطنيتين .كذلك لابد  مِنْ عُلَمَاء اللِسَانِيَاتْ وَ التَارِيخْ وَ الإِجْتِمَاعْ تَكْثِيفْ الْجُهُودْ وَذَلِكَ بِتَوْلِيد مُصْطَلحَاتْ جَدِيدة وإِعادة إِحْياءْ أُخْرَى قَدِيمَة وَمُحَاوَلة تَرْجَمَةْ مُفْردَاتْ والتسْوِيقْ لها عَبْرَ المَنَابِرْ الإِعْلاَمِية والثَقَافِية حَتى تُصْبِح مَستساغة ومَفْهُومة وغَنِية وقَادِرَة لِتَسْوِيقْ الصِنَاعة التِلِفِزْيونِية والسِينِمَائِية .فَالْجَزَائِرْ أَمَامَ فُرْصَة ثَمِينَة للإِسْتِفادة مِنْ التَعَدُدْ اللَغَوِي فِي التنْوِيعْ الإِقْتِصَادِي فِي ظِلْ العَوْلمة الإِقْتِصَادِية وَلاَ يَتِمُ ذَلِكَ إِلَا بِالتَخْطِيطْ الجَيْدْ ورَبْطِهِ بِالإِقْتِصَادْ وتَكْييفْ الجَامِعَة والدِرَاسَات والأَبْحَاثْ الجَامِعِية  لِخِدْمَة المُجْتَمَعْ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

ADBLOCK يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك